تُعدُّ تشوهات الحيوانات المنوية واحدةً من أهم أسباب العقم لدى الرجال، إذ يكفي تشوه جزء بسيط في الحيوان المنوي للحدِّ من قدرته على إخصاب البويضة، وبالتالي فرصة حدوث الحمل الطبيعي، ونظرًا لتعرُّضِنا يوميًّا لعديدٍ من المؤثرات السلبية على تكوين الحيوان المنوي؛ نقدِّم لكم في مقالنا الآتي: أسباب تشوهات الحيوانات المنوية، وتقنيات علاج تشوهات الحيوان المنوي، والنسبة الطبيعية لتشوهات الحيوان المنوي، وغير ذلك الكثير.. نتمنى لكم قراءة ممتعة.
التركيب الطبيعي للحيوان المنوي
يتركب الحيوان المنوي من عدَّة أجزاء تمتاز عن بعضها البعض بمجموعة من الخصائص المؤثِّرة في وظيفتها، وهي بمجموعها؛ ضرورية لوظيفة الحيوان المنوي. تتمثَّل أجزاء الحيوان المنوي في:
- الرأس: يحوي رأس الحيوان المنوي الحمض النووي (المادة الوراثية) الخاصة بالذكر، يتراوح طول الرأس ما بين 5-6 ميكرون، وعَرضه ما بين 2.5-3.5 ميكرون، كما يتميَّز الرأس بشكلٍ بيضاويٍّ، وسطحٍ أملس. يُغطِّي الجُسَيم الطرفي للرأس (Acrosome) ما بين 40-70% من حجم الرأس.
- القطعة الوسطى (العنق): هي الجزء المسؤول عن إمداد الحيوان المنوي بالطاقة الدَّافعة للحركة؛ نظرًا لاحتوائها على عُضَي الميتوكوندريا الخاص بالحيوان المنوي. تتواجد القطعة الوسطى – كما يتضح من اسمها – بين رأس الحيوان المنوي وذيله.
- الذيل: هو أطول أجزاء الحيوان المنوي، ويلعب دورًا محوريًّا في عملية الإخصاب؛ إذ هو المسؤول عن دفع الحيوان المنوي، وتحرُّكِه نحو البويضة لإخصابها.
تشوهات الحيوانات المنوية
تعني تشوهات الحيوان المنوي؛ تغيُّر في التركيب الطبيعي لأيٍّ من أجزائه – سابقة الذكر -، بما يعيق قدرته على إخصاب البويضة. قد تتضمن تشوهات الحيوانات المنوية تغيُّرًا فيما يلي:
- الرأس: تغيُّر حجم الرأس – استدارة الرأس – تعدُّد الفجوات بالرأس – وجود رأسين – تغيُّر حجم الجُسيم الطرفي أو غيابه تمامًا.
- القطعة الوسطى (العنق): زيادة أو نقص السُّمك – عدم انتظام الشكل – زيادة حجم القطعة الوسطى عن ثُلث حجم الرأس.
- الذيل: قد يكون ذيل الحيوان المنوي غائبًا، أو قصيرًا، أو متعدِّدًا، أو منحني، أو مُلتَفّ، أو ذي سُمكٍ غير منتظِم.
اقرأ أيضًا: انعدام الحيوانات المنوية .. إليك علاج صفر حيوان منوي
نسبة التشوهات الطبيعية
وفقًا لإرشادات منظمة الصحة العالمية، تبلُغ نسبة التشوهات الطبيعية في السائل المنوي 96% كحدٍّ أقصى، دون تأثيرٍ سلبيٍّ على الخصوبة، أمَّا إذا قلّت نسبة الحيوانات المنوية السليمة عن 4% وفي المقابل زادت نسبة الحيوانات المشوهة عن 96%؛ فإنّ الرجل حينئذٍ يعاني تشوهات الحيوانات المنوية، وقد يحدُّ ذلك من قدرته الإنجابية.
على صعيدٍ آخر، تُشير معايير كراجر (Kruger’s criteria) إلى أنَّ بلوغ الحيوانات المنوية المشوهة نسبة تتخطى 86%، يعني الإصابة بتشوه الحيوانات المنوية، أي أنَّ نسبة الحيوانات المنوية السليمة يجب ألا تَقِل عن 14%.
أنواع تشوه الحيوانات المنوية
من المحتمل أن تكون تشوهات الحيوانات المنوية وراثيّة أو مكتسبة، كما يتضح فيما يلي:
- تشوهات وراثية: تُسبِّب بعضُ الاختلالات الجينية تشوُّهًا في تركيب الحيوان المنوي، وفي تلك الحالة؛ تظهر التشوهات على كافة الحيوانات تقريبًا، وعادةً ما يصعب علاجها.
- تشوهات مُكتسبة: هو النوع الأكثر شيوعًا، ويحدث نتيجة لعدة أسباب مكتسبة، مثل: دوالي الخصية، والتعرُّض للإشعاع.
أسباب تشوهات الحيوان المنوي
هناك عددٌ كبيرٌ من أسباب تشوهات الحيوانات المنوية، ويُمكن أن يكون سبب تشوهات الحيوان المنوي أيًّا مما يلي:
- التدخين.
- السمنة.
- العدوى.
- داء السكري.
- دوالي الخصية.
- تعاطي الكحول.
- اصطدام عنيف للخصية.
- آثار جانبية لبعض الأدوية.
- جلسات العلاج الكيميائي والإشعاعي.
- سوء التغذية، ونقص مضادات الأكسدة.
- كما أشارت بعض الدراسات الحديثة إلى أنَّ التقدم في العمر قد يؤثر على جودة الحيوان المنوي، مع زيادة ملاحَظة في نسبة تشوه الحيوانات المنوية.
أعراض تشوه الحيوانات المنوية
ليست هناك أيَّة أعراض مرتبطة بتشوه الحيوان المنوي تحديدًا، وإنَّما يُعرف تشوه الحيوانات عند الرجل عبر تحليل السائل المنوي (Semen analysis)، وذلك ضمن سلسلة الفحوصات التي تُجرى للإطمئنان على الصحة الإنجابية أو لمعرفة سبب تأخر الإنجاب.
تشخيص تشوهات الحيوان المنوي
يعتمد تشخيص تشوه الحيوان المنوي لدى الرجل على تحليل المَنِي، والذي يوضِّح عدد، وطبيعة تركيب، وحركيَّة الحيوان المنوي. باستخدام صبغة خاصة؛ يتمكن الطبيب المختص من فحص عينة من السائل المنوي تحت الميكروسكوب. يكفي فحص 200 حيوان فقط لتحديد نسبة التشوهات في تحليل السائل المنوي.
بجانب ذلك، يتم حساب مؤشر تشوُّه الحيوانات المنوية (TZI)، وفق معادلة حسابية تتضمَّن عدد وموضِع التشوهات في الحيوانات المنوية بالعينة، والذي عادة ما يتراوح بين 1 إلى 3، حيث يدل الرقم 1 على تركُّز التشوهات في جزء واحد فقط من الحيوانات المنوية، ويشير الرقم 3 إلى تأثُّر الأجزاء الثلاثة للحيوانات المنوية بتشوهات.
درجات تشوهات الحيوانات المنوية
في ضوء نتيجة تحليل السائل المنوي، تتحدد درجة تشوه الحيوانات المنوية – وفق معايير كراجر – كما يلي:
- تشوه طفيف: تتراوح نسبة الحيوانات المنوية السليمة بين 10-14%.
- تشوه متوسط: تتراوح نسبة الحيوانات المنوية السليمة ما بين 9-5%.
- تشوه شديد: تقل نسبة الحيوانات المنوية السليمة عن 5%.
علاج تشوهات الحيوان المنوي
تعتمد الخطة العلاجية المتبعة لتشوهات الحيوان المنوي بناءً على طبيعة التشوه وسببه، ويُمكن القول أن علاج تشوهات الحيوان المنوي عند الرجل على النحو الآتي:
1- توصيات غذائية
- التخلص من الوزن الزائد.
- الحفاظ على نظام غذائي متزن.
- الحد من الأطعمة غير الصحية.
- الإقلاع عن التدخين والكحوليات.
- تناول الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة.
- تناول المكملات الغذائية تحت إشراف طبيبك الخاص.
- إدراج الأحماض الأمينية الأساسية في وجباتك الغذائية.
2- تعزيز صحة الخصيتين
- لا تضع اللابتوب على فخِذِك.
- تجنب ارتداء الملابس الضيقة.
- ابدأ علاج دوالي الخصية إن وُجِدت.
- قلل تعرُّضك للإشعاع، والمواد السامة.
إنَّ كافة التوصيات والنصائح السابقة ذات أثرٍ ملحوظٍ في تعزيز الصحة العامة للجسم، والخصيتين، بإمداد الجسم بالمواد الغذائية اللازمة، مع التغلُّب على مركبات الأكسجين التفاعلية (ROS)، ذات الأثر السّيء على تخليق الحيوان المنوي، وبالتالي تزداد الخصوبة لدى الرجل، وترتفع فرص الحمل الطبيعي.
على الجانب الآخر، قد لا يكفي الأخذ بتلك التعليمات في علاج تشوهات الحيوانات المنوية عند الرجل، خصوصًا في درجات التشوه الشديد التي تقل فيها نسبة الحيوانات السليمة كثيرًا، وكذلك التشوه الوراثي للحيوانات المنوية؛ ما يتطلب مزيدًا من الإجراءات الطبية وفق رؤية الطبيب.
تشوهات الحيوانات المنوية والحمل
هل تشوه الحيوانات المنوية يمنع الحمل؟ تشير الدراسات الحديثة إلى إمكانية حدوث حمل طبيعي مع بلوغ نسبة الحيوانات المنوية المشوهة 96% في السائل المنوي، أما حال زادت نسبة التشوهات في تحليل السائل المنوي عن 96%؛ فإنَّ احتمالية الحمل الطبيعي عادةً ما تقِل، وذلك وفق طبيعة التشوهات وموضعها في الحيوان المنوي.
مع الجدل الدائر عن نسبة التشوهات المناسبة لحدوث حمل طبيعي، توفر التقنيات الحديثة عدَّة خيارات لدى الزوجين للحصول على جنين، حال تعذَّر ذلك طبيعيًّا.. لنتعرف عليها سويّا.
- الحقن المجهري (ICSI):
يُعد الحقن المجهري أفضل الطرق العلاجية للتغلُّب على تشوهات الحيوانات المنوية، إذ يمكن، بسهولة، انتقاء حيوان منوي سليم التركيب، ومِن ثَم حقنه داخل البويضة المراد إخصابها، وبعد وصول البويضة المخصبة لمستوىً معيَّنٍ من النضج؛ تُحقن داخل قناة فالوب بالرحم، ليتكوَّن الجنين داخل بصورة طبيعية. يتناسب الحقن المجهري مع الحالات الطفيفة لتشوه الحيوانات المنوية.
- الإخصاب خارج الرحم (IVF):
يُمثِّل الإخصاب خارج الرحم أو أطفال الأنابيب الخيار العلاجي الأنسب حال جاوز سن الزوجة 35 سنة. إذ يضمن ذلك فرصًا أعلى للنجاح، وقد أثبتت تلك التقنية نجاحًا كبيرًا مع الحالات المتوسطة لتشوه الحيوان المنوي.
هل الحيوان المنوي المشوه يلقح البويضة؟
يظل احتمال إخصاب البويضة قائمًا على الرغم من تشوهات الحيوانات المنوية، ويرجع ذلك إلى طبيعة التشوه في تركيب الحيوان، إذ في بعض الحالات قد يصل الحيوان المنوي – على الرغم من قصور تركيبه – إلى البويضة، ويتمكن من تخصيبها بصورة طبيعية. كما قد يكون الإخصاب مستحيلًا في حالاتٍ أُخرى، مثل: غياب الجُسيم الطرفي عن رأس الحيوان المنوي.
هل تشوه الحيوانات المنوية يسبب الإجهاض؟
لا تُعرَف علاقة لتشوه الحيوانات المنوية بالإجهاض وعدم اكتمال الحمل. ففور إخصاب البويضة؛ يرجع أمر الحفاظ على الحمل إلى جسد المرأة، إلا إذا كان لدى الحيوان المنوى المخصِّب للبويضة اختلالات جينية مثل: تكسر المادة الوراثية.
هل تشوهات الحيوان المنوي تسبب تشوه الجنين؟
ليس هناك أي ترابط بين تشوه الحيوان المنوي واختلال تركيبه، وبين ورود أجنة مشوهة. إذ يرجع تشوه الأجنة إلى عدة أسباب أخرى، مثل: وجود اختلالات جينية بالحيوان المنوي أو البويضة، أو تناول الأم لأدوية غير مناسبة أثناء فترة الحمل.
نسبة التشوهات 100 هل يحدث حمل؟
في دراسة أجريت عام 2016، وجِد أن 29.2% مِمَّن بلغت نسبة تشوهات الحيوانات المنوية لديهم 100%، تمكَّنوا من تحقيق حمل طبيعي تمامًا، ما يوضِّح أنَّ إمكانية حدوث الحمل من عدمه ترجع إلى مجوعة من العوامل المختلفة، لدى الرجل والمرأة، وليست متوقِّفَة فقط على تشوه الحيوان المنوي، والذي قد يكون مؤثِّرًا في قدرته على إخصاب البويضة، وقد لا يكون.
خاتمة
- قد يكون تشوه بعض أجزاء الحيوان المنوي كافيًا لإعاقة وظيفته.
- من المهم تناول الأطعمة الغنيَّة بمضادات الأكسدة، لرفع كفاءة الحيوان المنوي.
- يُمكن علاج تشوهات الحيوان المنوي في الحالات المستعصية، باللجوء إلى الحقن المجهري.
- لا تتردد في التواصل مع عيادات د. محمد وائل رجب لحجز موعدك، والحصول على استشارة طبية.
المصادر
- What is teratozoospermia? Its causes, diagnosis and treatment (invitra.com)
- What Is Sperm Morphology? – Meaning & Normal Range (invitra.com)
- Chances of Getting Pregnant with Teratozoospermia (invitra.com)
- Treatment of Teratozoospermia – Can It Be Cured? (invitra.com)
- What is Teratozoospermia? (reproductivehealthwellness.com)
- Teratozoospermia and male infertility (institutobernabeu.com)
- Understanding Sperm Morphology | Carolina Conceptions